موضوع: شواهد في ذكاء الامام الصادق السبت 18 أبريل 2020, 4:59 pm
من الشواهد على ذكاء الإمام الصادق عليه السلام..
يدل على ذلك ما نقله الرواة من أن الوليد بن عبد الملك أمر عامله على يثرب عمر بن عبد العزيز بتوسعة المسجد النبوي، فأنجز عمر قسماً كبيراً منه، وأعلمه بذلك،
وسافر الوليد إلى يثرب ليطّلع بنفسه على ماأنجزه عمر من أعمال التعمير والتوسيع، وقد استقبله عمر من مسافة خمسين فرسخاً، وأعدَّ له استقبالا رسمياً، وخرجت أهالي يثرب بجميع طبقاتها لاستقباله والترحيب به،
وبعدما انتهى إلى يثرب دخل إلى الجامع النبوي ليشاهد ما أنجر من أعمال التعمير،
وقد رأى الإمام الباقر عليه السلام على المنبر، وهو يلقي محاضرة على تلاميذه فسلم عليه، فرد الإمام السلام عليه، وتوقف عن التدريس تكريماً له،
فأصر عليه الوليد أن يستمر في تدريسه، فأجابه إلى ذلك، وكان موضوع الدرس (الجغرافيا) فاستمع الوليد، وبهر من ذلك، فسأل الإمام: «ما هذا العلم؟».
فأجابه الإمام: إنه علم يتحدث عن الأرض والسماء، والشمس والنجوم.
ووقع نظر الوليد على الإمام الصادق، فسأل عمر بن عبد العزيز: من يكون هذا الصبي بين الرجال؟.
فبادر عمر قائلا: إنه جعفر بن محمّد الباقر...
وأسرع الوليد قائلا: هل هو قادر على فهم الدرس واستيعابه؟.
فعرفه عمر بما يملكه الصبي من قدرات علمية، قائلا: إنه أذكى من يحضر درس الإمام وأكثرهم سؤالا ونقاشاً.
وبهر الوليد، فاستدعاه، فلما مثل أمامه بادر قائلا: «ما اسمك؟».
وأجابه الغلام بطلاقة قائلا: «اسمي جعفر..».
وأراد الوليد امتحانه، فقال له: «أتعلم من كان صاحب المنطق ـ أي مؤسسه ـ ؟..».
ووجه الوليد إليه سؤالا ثانياً قائلا: «من صاحب المعز؟..».
فأنكر عليه الإمام وقال: «ليس هذا اسماً لأحد، ولكنه اسم لمجموعة من النجوم، وتسمى ذو الأعنة ...»
هذه المجموعة من النجوم تسمى في اصطلاح العلم الحديث «أوريكا» أو «أريجا». من الشواهد على ذكاء الإمام الصادق عليه السلام..
واستولت الحيرة والذهول على الوليد، فلم يدر ما يقول، وتأمل كثيراً ليستحضر مسألة اُخرى يسأل بها سليل النبوة، وحضر في ذهنه السؤال الآتي فقال له: «هل تعلم من صاحب السواك؟...».
فأجابه الإمام فوراً: «هو لقب عبد الله بن مسعود صاحب جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..».
ولم يستحضر الوليد مسألة يسأل بها الإمام، ووجد نفسه عاجزاً أمام هذا العملاق العظيم، فراح يبدي إكباره وإعجابه بالإمام، ويرحب به، وأمسك بيده، ودنا من الإمام الباقر عليه السلام، يهنئه بولده قائلا: إن ولدك هذا سيكون علاّمة عصره...
الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب: 108 ـ 112.
وصدق توسم الوليد، فقد أصبح الإمام الصادق عليه السلام أعلم علماء عصره على الإطلاق، بل أعلم علماء الدنيا على امتداد التأريخ، وليس هناك تعليل مقنع لهذه الظاهرة التي اتصف بها سليل النبوة في حال طفولته،
إلاَّ القول بما تذهب إليه الشيعة من أن الله تعالى منح أئمة أهل البيت عليهم السلام العلم والحكمة في جميع أدوار حياتهم كما منح أنبياءه ورسله.