زوجةٌ عجيبة
تشتكي إحدى الزوجات أن زوجها لا يعرف (الرومانسية)، ولا يبادرها بالمفاجآت السارة، ولا يقدم لها ما تسمع به من صديقاتها وقريباتها من الهدايا، أو الرحلات السياحية، أو حتى جولة داخل المدينة، أو دعوة للعشاء في مطعم تحت أنوار
خافته!!
وحَدَث مرة أن تفاعل زوج هذه المرأة مع شكوى زوجته فسعى لتعديل صورته عندها، فخرج من بيته يوماً متوجهاً نحو السوق فاشترى لها خاتم ألماس بقيمة (6000) ريال، ووضعه في علبة فاخرة، داخل كيس مميز، ثم عاد إلى داره وهو يفكر كيف ستكون ردة فعل زوجته؟ هل ستعانقه وتشكره بحرارة؟ أم سترفع حاجبيها وتبرز عينيها من الدهشة والفرح؟ أم سيغمى عليها من قوة المفاجأة؟ ربما، وربما كل ذلك.. بهذا كان يحدث الزوج نفسه، وما كان متأكدا منه أنه سيظل أسابيع أو شهوراً يلقى منها غاية الحب والحفاوة والإكرام، وزيادة الاهتمام بلباسه وطعامه، ونظافة بيته وترتيب محتوياته.
وصل إلى داره، فأوقف سيارته ودخل يناديها باسمها منطوقاً بصورة تحمل معاني الحب والدلال، فأقبلتْ إليه، فمدَّ لها الهدية وهو في غاية الفرح والسرور، نظرت إليه وإلى هديته ببرود، فقال: هذه هدية لكِ، لم تصدق، فتحتْها فومض من العلبة بريق الألماس، فأغلقت العلبة وهي تقول: (حليو) !! وانتهى الموقف، نعم انتهى كل شيء، لم تزدْ على هذه الكلمة حرفاً واحداً، وظلتْ بعد ذلك يوماً كاملاً سارحة مفكرة، وزوجها متعجب من برود تفاعلها، حتى كان الغد فواجهتْه بشجاعة وانفعال قائلة: ( فهد.. اعترف وش انت مسوَّي؟) تفاجأ من السؤال، واكتفى بالصمت، فقالت: (إيه.. أنت ساكت عشان المصيبة اللي أنت مسوَّيها، وجاي ترقَّعها بها الخاتم!!) فسألها: (عن ماذا تتحدثين أنتِ ؟) فقالت: (أكيد أنك مسوِّي شيء، فأنبك ضميرك، وحبِّيت ترضي نفسك بها الخاتم عشان توهمني أنك تحبني)!!
نعم، هذا ما حصل بينهما، فبهذه الصورة استقبلت هذه الزوجة
هدية زوجها حين سمعتُ هـذه القصـة، اختلـطـتْ لـدي مشـاعر الضحك بمشاعر التعجب من طريقة تفكير هذه الزوجة، وعذابها لنفسها بالشك وسوء الظن، وربما كانت أنموذجاً لشريحة من أمثالها، فبعض النساء يكون الطريق إلى قلبها محفوفاً بالمكاره والألغام، تحسن إليها فتشكّ في أخلاقك، وتهديها فترتاب فيك، وتقدِّم لها كل ما تستطيع وما لا تستطيع فتظل عندها مقصراً، كهذا الشاعر الذي سعى إلى کسب رضى صاحبته بكل وجه، وبذل لها كل ما يطيق لنيل وُدّها، فلما لم يبقَ لديها شيء تطلبه قالت: اصعد إلى السماء وأحضر لي نجماً من نجومها !! فقال:
بذلتُ لها ما قد أرادتْ من المنى لترضى، فقالتْ : قمْ فحبئني بفرقدِ
قل لي: ماذا يمكن للرجل أن يفعل مع امرأة لديها مشكلة في التفكير؟ إن لم يبادلها الحب والكلام الرقيق قالتْ: أنت (جِلْف) أو (جاف) وربما (بعير)!! وإن سمعتْ منه كلمات الحب قالتْ: (أنت قاعد ترقِّع عايلك السوداء!!) وإن لم يقدم لها هدية قالتْ: (يا حظّ فلانة، اليوم زوجها معطيها هدية!!) هذا الضغط المتراكم ربما يجعل الزوج يدمن الخروج من المنزل هرباً من الجلوس فيه .
وحتى أكون عادلاً أقول: إن بعض الأزواج هم سبب كآبة البیت بأسلوى تعاملهم مع زوجاتهم في القول والفعل، والتقصير البيِّن في الحقوق، فكل الوقت للعمل أو الأصدقاء، وإذا دخل بيته رمى رأسه في جهازه المحمول مكملاً أحاديثه مع أصحابه، أو بادر إلى النوم بادعاء الإرهاق، أو فتح عينيه يبحث عن شيء ينتقد زوجته عليه .
إن إهمال أحد الزوجين للآخر، أو الشك في أفعاله ونواياه يدمر الحياة سريعاً، وإن لم يقضِ عليها فإنه يجعلها جحيماً لا تُطاق، فعيشوا أيها الأزواج أيامكم بهناء، واقضوا ساعاتكم بصفاء، وتعاملوا مع الأشياء کما تُرى، ولا تحمِّلوها أوهامكم وظنونكم السوداء، وقدِّموا التنازلات، وإن أردتم حياة سعيدة فلا تجعلوا الوهم حقيقة، ولا الظن يقيناً.. الحياة جميلة، فاجعلوها كذلك بحسن الظن، وإياكم أن تمزقوها بخناجر الشك.
*الأقمار المحمــدية*
_________________
منتديات الأقمارالمحمدية