*السفينة والتاجر*
تعطلت إحدى السفن التجارية ، وهي في عرض البحر من كثرة الحمل والمتاع الذي فيها ، فأصبحت مهددة بالغرق ، فاقترح رُبَّانها أن يتم رمي بعض المتاع والبضاعة في البحر ليخفف الحمل عن السفينة وتنجو ..
فأجمعو أن يتم رمي كامل بضاعة أحد التجار لأنها كثيرة ، فاعترض التاجر على رمي بضاعته هو وحده ، واقترح أن يرمى قسم من بضاعة كل تاجر بالتساوي حتى تتوزع الخسارة على الكل ، ولا تصيب شخصاً واحداً فقط .
فثار عليه باقي التجار ، ولأنه كان تاجراً جديداً ومستضعفاً تآمروا عليه ، ورموه في البحر هو وبضاعته ، وأكملو طريق سفرهم ..
أخذت الأمواج تتلاعب بالتاجر ، وهو موقن بالغرق وخائف حتى أُغمي عليه ، وعندما أفاق وجد أن الأمواج ألقت به على شاطئ جزيرة مجهولة ومهجورة ..
ما كاد التاجر يفيق من إغمائه ، ويلتقط أنفاسه حتى سقط على ركبتيه ، وطلب من الله المعونة والمساعدة ، وسأله أن ينقذه من هذا الوضع الأليم ..
مرت عدة أيام ، كان التاجر يقتات خلالها من ثمار الشجر وما يصطاده من أرانب ، ويشرب من جدول مياه قريب ، وينام في كوخٍ صغير بناه من أعواد الشجر ليحتمي فيه من برد الليل وحرّ النهار ..
وفي ذات يوم ، وبينما كان التاجر يطهو طعامه هبَّت ريح قوية ، وحملت معها بعض أعواد الخشب المشتعلة ، وفي غفلة منه اشتعل كوخه ، فحاول إطفاء النار ، ولكن لم يستطيع ، فقط التهمت النار الكوخ كله بما فيه ، هنا أخذ التاجر يصرخ : لماذا يارب ..؟لقد رميت في البحر ظلماً ، وخسرت بضاعتي ، والآن حتى هذا الكوخ الذي يؤويني احترق ولم يتبقَّ لي شيءٌ في هذه الدنيا ، وأنا غريب في هذا المكان ، لماذا يارب كل هذه المصائب تأتي عليَّ ..!.
ونام التاجر ليلته ، وهو جائع من شدة الحزن ، لكن في الصياح كانت هناك مفاجأة بانتظاره ، إذ وجد سفينة تقترب من الجزيرة ، وتُنزل منها قارباً صغيراً لإنقاذه ..
وعندما صعد التاجر على سطح السفينه لم يصدق عقله من شدة الفرح ، وسألهم : كيف وجدوه ..؟، وكيف عرفوا مكانه ..؟ ، فأجابوه : لقد رأينا دخانا ، فعرفنا أن شخصاً ما يطلب النجدة لإنقاذه ، فجئنا لنرى ، وعندما أخبرهم بقصته وكيف أنه رُمي من سفينة التجار ظلماً أخبروه بأن سفينة التجار لم تصل ، وغرقت في البحر ، فقد أغار عليها القراصنة ، وقتلوا ، وسلبوا كل مافيها ، فسجد التاجر يبكي ويقول : الحمد لله يارب ، أمرك كلُّه خير ..
*العبرة*
سبحان الحكيم الذي أنجاه من القتل ، واختار له الخير ، سبحان مدبر الأمور كلها من حيث لا ندري ومن حيث لا نعلم ، إذا ساءت ظروفك فلا تخف ، فقط ثق بأن الله له حكمة في كل شيء يحدث لك ، وأحسن الظن به ، واعلم أن الله يدبر شؤونك ويسعى لإنقاذك .
_________________
منتديات الأقمارالمحمدية