*الأسرار الباطنية للصـوم*
*مقدمة*
قال الله تعالى :
*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)*[سورة البقرة].
إن المؤمن إذا اكتشف ملكوت الشيء ، وانتقل من الفقه الظاهري إلى الفقه الباطني ، فمن الطبيعي أن يزداد تفاعله بذلك الأمر...
فقد ورد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام:
*لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال الله ، ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده*(1).
وعن الإمام الصادق عليه السلام:
*إذا قام المصلي للصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض ، وحفت به الملائكة ، ونادته الملائكة* ،
وناداه ملك : *لو علم المصلّي ما في الصّلاة ما انفتل*(2) ..
أي ما ترك صلاته ، ولم يطق الخروج من المسجد ، ولا يرى في نفسه قدرة على أن يخرج من صلاته إلى حركة الحياة الدائبة..
إذن، المشكلة أننا محجوبون عن ملكوت العبادة ، ولهذا تمل...
*كما نلاحظ على الحجاج لبيت الله الحرام ، حيث البعض منهم يعد الأيام لكي ينتهي من موسم الحج ، ويرجع إلى أهله ووطنه وشغله.. فهذا الإنسان لو انكشف له ملكوت الكعبة والمسجد الحرام وهذا المكان المبارك ، لما خرج من مكة إلا طرداً*
(1)بحار الأنوار ج78 ص207.
(2)وسائل الشيعة ج4 ص32.
اللهم صل على محمد وآل محمد.
*
الأسرار الباطنية للصـوم*
*
...تابع*
إذاً ، فعلينا أن نتلمس ذلك الملكوت ، ويمكن ذلك إما عن طريق التأمل ، أو بمراجعة النصوص الشرعية الواردة من الكتاب والسنة...
وعندما نراجع النصوص المباركة بالنسبة للصيام ، نلاحظ أنها تفيد أن هنالك بُعداً آخر للصيام ، إن هذا البُعد لا يرى بالعين المجردة،
*
ولكن يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) وكذلك أولاده المعصومون ؛ ليبين هذا الملكوت...*
قال الإمام الصادق عليه السلام:
*
من صام يوماً في الحرّ فأصابه ظمأ ، وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشّرونه ، حتى إذا أفطر*
قال الله عزوجلّ :
*
ما أطيب ريحك وروحك !.. يا ملائكتي ، اشهدوا أني قد غفرت له* (1).
هذا الإنسان جالس على المائدة ، وهو قد صام في يوم كثر عطشه ، وهمه الطعام والشراب وشربة الماء ، ولكن الله عزوجل ينظر إلى ملكوته ، وهو لا يدري أنه محاط بهالة من نور الله عزوجل..
(1)ثواب الأعمال ص52.
اللهم صل على محمد وآل محمد.