مقدمة
سر الأعداد في تسبيح الزهراء عليها السلام
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42)[سورة الأحزاب].
لو أن هناك كنز في مكان ما، ولكي يصل إليه الإنسان، يجب أن يتقدم إلى الأمام ثلاثين خطوة، ثم يميناً عشرين خطوة، ثم يسارا عشر خطوات....
فهل يصل إليه إذا خالف هذه الأعداد
وكذلك فإن هذه الأعداد مرسومة ومحسوبة في كل الموارد، والذي يخالف يفوته الكنز...
قال الصادق عليه السلام :
إِعلموا أن أسماء اللَّه كنوز، والأعداد ذراعها، إذا قصر الذراع لم يصل إلى الأرض، وإذا طال الذراع دخل في الأرض
فإذن،
يجب المحافظة على العدد، وعدم الزيادة والنقصان فيها والعمل بها، وبالأدعية المأثورة ليستفاد منها الاستفادة المطلوبة....
ولكن
بشرط عدم ابتداع الأدعية، كمن سمع دعاء في المنام، فيوصي الآخرين به...
كيفية التسبيح:
هناك كيفيتان لتسبيح الزهراء عليها السلام ، حيث أن الأخبار اختلفت في كيفية تسبيحها عليها السلام من تقديم التحميد على التسبيح والعكس، واختلف الأصحاب والمخالفون في ذلك، مع اتّفاقهم جميعاً على استحبابه..
التكبير، ثم التحميد، ثم التسبيح ،
التكبير، ثم التسبيح، ثم التحميد ،
ولكن الأوْلَى أن نحمد الله ثم نسبحه.
الشك في عدد التسبيحات
مَنْ شكّ في التسبيح يبني على الأقل، إن لم يتجاوز المحل.. فلو سَهَا فزاد على عدد التكبير أو غيره، رفع اليد عن الزائد وبنى على <34> أو <33>
والأوْلَى على نقص واحدة ثم يكمل العدد بما في التكبير والتحميد دون التسبيح..
قد ذكر علماؤنا الأعلام شروطاً لهذا التسبيح المبارك ينبغي الالتزام به حتى تتم الفائدة المرجوة منه، ومن جملة هذه الشروط:
التوجه والخشوع:
فالخشوع شرط مهم في جميع العبادات، وفي تسبيح الزهراء عليها السلام مؤكد، وإلا أصبح لقلقة لسان لا يستفيد الشخص من بركاته.
المباشرة بالتسبيح بعد الصلاة:
بأن يأتي به مباشرةً بعد الفراغ من الصلاة باقياً على إِستقباله للقبلة تاركاً للكلام والتلفت.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال
من سبح تسبيح فاطمة عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له، ويبدأ بالتكبير)(1).
الموالاة في التسبيح:
بأن لا يفصل بين الأذكار وهذا سرٌ من أسرار هذا التسبيح المبارك.
ومما جاء عن الإمام الكاظم عليه السلام قال:
لا يخلو المؤمن من خمسة
سواك مشط سجّادة
سبحة فيها أربع وثلاثون حبّة
وخاتم عقيق(2)
(1)ثواب الأعمال، ص164.
(2)مكارم الأخلاق، ص281.
ثواب التسبيح
طرد الشيطان ورضى الرحمن
الشيطان ألد أعداء الإنسان منذ أن أقسم:
فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين
بعض بني البشر مشغولون بالفرار الدائم عن الشيطان، والشيطان مشغول بمطاردتهم دائماً، فهم لا يتخلصون أبداً من الشيطان، وربما تَعِبُوا من الفرار واستسلموا أخيراً للشيطان وخُدَعِه.
وفئه قليلة يحاولون طرد الشيطان من أنفسهم بالمداومة على الذكر والدعاء والعمل الصالح.. وعندما يُوَفّق الإنسان في طرد الشيطان، والمداومة على طاعة الله وعبادته، والتسلح بسلاح الإخلاص، يكسب رضا الله...
لأن الشيطان مانع ضخم أمام وصول الإنسان إلى أعلى مدارج الكمال..
ومن الأذكار التي تساعد الإنسان على طرد الشيطان وهي
المداومة على تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام قال الإمام الباقر عليه السلام:
من سَبّحَ تسبيح الزهراء عليها السلام ثم استغفر غفر له، وهي مائة باللسان، وألف في الميزان، ويطرد الشيطان، ويُرْضِى الرحمن(1).
(1)وسائل الشيعة، ج4 ص1023، (4/1023).
أسرار وآثار تسبيحة الزهراء عليها السلام
الابتعاد عن الشقاوة والوصول إلى السعادة
المداومة على تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام يُوجب للإنسان السعادة وحسن العاقبة..
إِذَنْ من الجدير بنا حفظه والمداومة عليه وعدم تضييعه
قال الإمام الصادق عليه السلام:
يا أبا هارون إِنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها السلام كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه، فإنه لم يلزمه عبد فشقي(1).
الشفاء من الأمراض
تسبيح الزهراء عليها السلام كما ورد في الأحاديث والروايات شفاء من بعض الأمراض البدنية:
دخل رجل على الإمام الصادق (عليه السلام)، وكلمه فلم يسمع كلام الإمام (عليه السلام)، وشكا إليه ثقلا في أذنيه، فقال له:
ما يمنعك وأين أنت من تسبيح فاطمة(عليها السلام)
فقال له: جعلت فداك، وما هو تسبيح فاطمة (عليها السلام)؟ فقال:
تكبر الله أربعا وثلاثين ،
وتحمد الله ثلاثا وثلاثين ،
وتسبح الله ثلاثا وثلاثين،
تمام المائة.
قال : فما فعلت ذلك إلا يسيرا حتى ذهب عني ما كنت أَجِدُه(2).
(1)ثواب الأعمال للصدوق ص163، بحار الأنوار ج82 ص328.
(2)مستدرك الوسائل ج5 ص37.
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42)[سورة الأحزاب].
سُبحة الزهراء عليها السلام من تربة الحمزة عليه السلام:
إبتكرت الزهراء المهديّة من ربّها ، المعصومة بلطفه عليها السلام ، عملاً بسيطاً ، لكنّه بليغ لربط الأمّة بالنبي وآله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فاتّخذت من تربة قبر حمزة سبحة من أربع وثلاثين حبّة ، لكي تَعُدَّ بها تسبيحها لربّها بعد كلّ صلاة تقول بذلك للأمّة لقد علمكم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كيف تذكرون الله تعالى ذكراً كثيراً بعد صلواتكم
فتكبروا الله أربعاً وثلاثين مرّة وتحمدوه ثلاثاً وثلاثين، وتسبحوه ثلاثاً وثلاثين، *وسمّى هذا التسبيح باسمي تسبيح فاطمة ، لكي تذكروني ولا تنسوني ، كما سمّى صلاة جعفر باسمه لكي تذكروه ولا تنسوه ، وها أنا أتّخذ سبحة من تربة قبر عمّي حمزة رحمه الله ، لكي تذكروه فلا تنسوه ، حتّى يستشهد ولدي الحسين ، فتتّخذوا سبحة من تربته ولا تنسوه(1)
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: وتكون السبحة بخيوط زرق ، أربعاً وثلاثين خرزة ، وهي سبحة مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام لما قتل حمزة عملت من طين قبره سبحة ، تسبح بها بعد كلّ صلاة(2).
وعن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام قال: أنّ فاطمة عليها السلام كانت مسبحتها من خيط من صوف مفتَّل ، معقود عليه عدد التكبيرات ، فكانت بيدها تديرها تكبِّر وتسبِّح ، إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس.
فلمّا قتل الحسين عليه السلام عُدل بالأمر عليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزيّة(3).
وقصده بالمزيّة لتربة الحسين عليه السلام ما تواتر عند المسلمين من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في فضل تربة كربلاء ، وأنّ جبرئيل أخبره بأنّ سبطه الحسين عليه السلام سيقتل فيها ، وجاء له بقبضة من ترابها ، فأودعها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عند أمّ سلمة فوضعتها في زجاجة ، وأخبرها أنّه حين يقتل ستظهر لله فيها آية وتتحوّل إلى دم صاف(4).
(1)جواهر التاريخ ج1 ص141.
(2)مستدرك الوسائل ج5 ص56.
(3)المزار للمفيد ص150.
(4)جواهر التاريخ ج1 ص142-141.
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42)[سورة الأحزاب].
أسرار وآثار تسبيحة الزهراء عليها السلام
البراءة من النار والنفاق
تسبيح الزهراء عليها السلام من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل :
واذكرو الله ذكراً كثيراً
وقال الرسول صلى الله عليه وآلهِ وسلم:
من أكثر ذكر الله عزّ وجل أحبه الله، ومن ذكر الله كثيراً كُــــتبت له براءتان:
براءة من النار
-و-
براءة من النفاق(1)
المغفرة
من آثار تسبيح الزهراء عليها السلام المغفرة...
مغفرة من الله سبحانه وتعالى
طهارة من الذنوب والمعاصي وأثارها السيئة.
قـال الإمام الصادق عليه السلام:
من سبح تسبيح الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له(2).
ويأتي هنا سر في تسبيح الزهراء عليها السلام....
نحن نسبح تسبيح فاطمة عليها السلام مرة في الصلاة
من أهم المجربات في تسبيح الزهراء عليها السلام لتسهيل المقاصد وتيسير الأمور وقضاء الحوائج
تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد صلاة الصبح فرادى ثلاث مرات.
(1)وسائل الشيعة ج7 ص154.
(2)ثواب الأعمال للصدوق ص164.
خـُلاَصـَةُ البحث
من الخسارة الكبرى عند البعض أَنْ يَقْطَع تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام، يتكلم ثم يُكْمِلْ التسبيح، ولكن ما هي الفائدة إذا كان الأصل في هذا التسبيح أن لا يُقْطَع ْمن البداية إلى النهاية.
ولك أن تتصور حال الذي يمتلك حبات لؤلؤ ويريد عدها ،
هل سيتكلم أو يُسْرِعْ في العد
شتان بين لألئ دار الفناء
و-
بين لألئ فاطمة الزهراء عليها السلام
السلام عليكِ يا فاطمة الزهراء أيتها الحورية الإنسية أيتها البتول الزكية أيتها الراضية المرضية أيتها المغصوبة المظلومة،
السلام عليكِ يا سيدتي وعلى أبيكِ وبعلكِ وبنيكِ ورحمة الله وبركاته.
انتهى البحث
اللهم صل على محمد وآل محمد...