لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون صلى الله عليك يامولاي يا بن رسول الله صلى عليك ياسيدي ومولاي يا ابا عبدالله ياغريب يامظلوم كربلا
ثم انبرى نحو الفرات ودونه ... حلبات عادية يصل لجامها
فكأنه صقر بأعلى جوها ... جلى فحلق ماهناك حمامها
أو ضيغم شئن البرائن ملبد ... قد شد فانتشرت ثبى أنعامها
فهنالك ملك الشريعة واتكى ... من فوق قائم سيفه قماقامها
فأبت نقيبته الزكية ريها ... وحشى ابن فاطمة لا يشب ضرامها
يحسين قوم من الخيم جيب شيال ...سردال جـيشك لا تتركه فوق لرمال
عنكم ابوفاضل مشى وضاعت هالعيال ...دركه تراهو بجانب المسناة نايم
طفح جواده ووقف يمه ودمه يسيل ... ينادي يبو فاضل علينا حاطت الخيل
يـاهو اليباري هالحرم لو هوّد الليل...وانا بـعد سـاعه عـلى التربان لازم
قله يخويه بو الفضل في وين الجفوف ...قله يخويه اتـقطعت مابين الصفوف
دمي على عيني جمد يحسين ماشوف ... نشف ادمومي يابقية آل هاشم
نادى يخويه لغسل بدمعي دمومك
تمنيت جان الهالحريم الله يدومك
لكن يخويه ابهالارض يومي و يومك
وتضيع من بعدي وبدعدك هالفواطم
واعباساه واسيداه
قال الإمام الحجة عليه السلام في حق عمه العباس عليه السلام
السلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه الفادي له الواقي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتليه يزيد بن الرقاد وحكيم بن الطفيل الطائي
أدلى الإمام الحجة بقية الله في الأرض قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) بالصفات الكريمة الماثلة في عمه قمر بني هاشم عليه السلام ألا وهي مواساته لأخيه سيّد الشهداء (عليه السلام) فقد واساه في أشد المحن والقسوة ولذا ظلت مواساته له مضرب المثل على امتداد التاريخ
فيقول الإمام الحجة ( السلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه)
أي تقديمه أفضل الزاد لآخرته وذلك بتقواه وشدة تحرجه في الدين ونصرته لإمام الهدى وتقديم نفسه وإخوته وولده فداءً لسيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السّلام) .
ووقايته لأخيه المظلوم بمهجته وسعيه لأخيه وأهل بيته بالماء حينما منعو الماء عن سيد الشهداء عليه السلام والحصار على ماء من أن تصل قطرة منه لآل النبي (صلى الله عليه وآله)
وأخذ أبو الفضل العباس عليه السلام كل ذلك من أبيه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
لذاك الإمام علي عليه السلام فهو يمثل رسول الله صلى الله عليه وآله في الأخوه وإلايثار كذلك العباس عليه السلام يمثل الإمام الحسين عليه السلام
أبو الفضل (عليه السلام) احتل قلوب العظماء وصار أنشودة الأحرار في كل زمان ومكان وذلك لما قام به من عظيم التضحية تجاه أخيه سيد الشهداء الذي ثار في وجه الظلم والطغيان
كما قالوا الأئمة عليهم السلام في حق العباس عليه السلام
يقول الإمام زين العابدين عليه السلام ( رحم الله عمي العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه)
والإمام الصادق عليه السلام يقول (كان عمي العباس بن علي (عليه السلام) نافذ البصيرة صلب الإيمان)
ويقول سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام (َإذا مضيت تفرق عسكري) حيث ذبحو جميع أهل بيته وبقي العباس عليه السلام وسيد الشهداء وهذه دلالة على قوة وعظمة ابا الفضل العباس عليه السلام
وكان العباس عليه السلام حامل اللواء وقائد العسكر ولكن الإمام الحسين عليه السلام اعتبره جيشه كله ونظر إليه نظرة القائد والعسكر معا وجمعهما في رجل واحد وبرز ذلك عندما استأذنه لقتال الأعداء فبكى الحسين عليه السلام بكاء شديدا ثم قال (يا أخي أنت صاحب لوائي وإذا مَضيت تفرّق عسكري)
فأي مصيبة نزلت على قلب سيد الشهداء بعد فقد أخية وكبش كتيبته وأي حزن ناله بعدما نال الأعداء من كشاف كربه والبقية الباقية من جنده
آجركم الله ولَم يستطع العبّاس صبراً على البقاء بعد أنْ فُني صحبُه وأهلُ بيته، ويرى حُجّة الوقت مكثوراً قد انقطع عنه المدد*، وملأ مسامعه عويل النساء وصراخ الأطفال من العطش(1)، فجاء الى أخيه الحسين عليه السلام يستأذنه في القتال، ويطلب الرخصه منه فبكى الحسين بكاءً شديدا وقال: *يا أخي أنت صاحب لوائي، وإذا مضيت تفرق عسكري*. فلم يأذن له(2). فقال العبّاس: قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين، واُريد أنْ آخذ ثأري منهم، فأمره الحسين (عليه السلام) أنْ يطلب الماء للأطفال
نزل عباس يتمرضع بالحسين
يحب ايده و جدم رجليه والعين
تسايل بالمدامع على الخدين
لما حن و بچى احسين اوتحسر
صاح احسين ياخويه يعباس
ينور العين يا تاجي على الراس
يخوي انت الدرع و السيف و الطاس
اشلون اتروح و انه ابقى امحير
يخوي احسين يا زهرة زماني
يخوي انحلت سكنه اعظامي
دخليني اريد الحق اعمامي
فذهب العبّاس إلى القوم ووعظهم وحذّرهم غضب الجبّار، فلَم ينفع. فنادى بصوت عالٍ: يا عمر بن سعد، هذا الحسين ابن بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى، فاسقوهم من الماء قد أحرق الظما قلوبهم، ولكنّ الشمر صاح بأعلى صوته: يابن أبي تراب، لو كان وجه الأرض كلّه ماء وهو تحت أيدينا، لَما سقيناكم منه قطرة، إلاّ أنْ تدخلوا في بيعه. فرجع إلى أخيه يخبره، فسمع الأطفال يتصارخون من العطش فلَم تتطامن نفسه على هذا الحال، وثارت به الحميّة الهاشميّة
ثمّ إنّه ركب جواده وأخذ القربة فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنّبال فلَم ترعه كثرتهم، وأخذ يطرد اُولئك الجماهير وحده ولواء الحمد يرفّ على رأسه، ولَم يشعر القوم أهو العبّاس يجدل الأبطال أم أنّ الوصي يزأر في الميدان؟! فلم تثبت له الرجال،
حدر قمر هاشم على جيش العدا وصال
رمحه المنيه وصارمه بتار لاجال
مثل الزلازل منحدر تسمع رعيده
يتبختر امكيف املاقى الموت عيده
حتم القضا بسيفه وعزرائيل بيده
ضيق فضاها والعساكر شافت اهوال
شعة جبينه وصارمه تذهب بالابصار
من صرخته ذاك الجمع مثل الرحى دار
فرت وظنت حل عليها نافخ الصور
تطلب الملجا و الرمح يلعب بلصدور
والشمس تتوقد وقلبه من الظما يفور
وتذكر سكينه واخوها وللنهر مال
وحسين لازم مركزه و تهمل ادموعه...يشوفه نسف جيش العدا وشتت جموعه
وطلعت غريبه وتنتظر زينب رجوعه...تصيح الكفيل أبطا عساه يعود خيال
ونزل إلى الفرات مطمئنّاً غير مبال بذلك الجمع. ولمّا اغترف من الماء ليشرب، تذكّر عطش الحسين ومَن معه، فرمى الماء وقال:
يا نفس من بعد الحسين هوني * وبعده لا كنت أن تكوني
هذا الحسين وارد المنون * وتشربين بارد المعين
تالله ما هذا فعال ديني
ثمّ ملأ القربة وركب جواده وتوجّه نحو المخيّم، فقُطع عليه الطريق، وجعل يضرب حتّى أكثر القتل فيهم وكشفهم عن الطريق وهو يقول:
لا أرهب الموت إذا الموت زقا * حتّى اُوارى في المصاليت لقى
نفسي لسبط المصطفى الطهر وقى * إني أنا العبّاس أغدو بالسقا
ولا أخاف الشرَّ يوم الملتقى
فكمِن له زيد بن الرقاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي، فضربه على يمينه فبرأها. وأخذ السيف بشماله، وضم اللواء الى صدره وحمل القربه على كتفه الأيسر وحمل على القوم وهو يقول:
والله إنْ قطعتُمُ يميني * إني أُحامي ابداً عن ديني
وعن إمام صادق اليقين * نجل النبيِّ الطاهر الأمين
فلَم يعبأ بيمينه بعد أنْ كان همّه إيصال الماء إلى أطفال الحسين (عليه السلام) وعياله، ولكن حكيم بن الطفيل كمِن له من وراء نخلة فلمّا مرّ به ضربه على شماله فقطعها(3)، فقال:
يا نفس لا تخشي من الكفار * وأبشري برحمة الجبار
مع النبي السيد المختار * قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار(4)
وتكاثروا عليه، وأتته السّهام كالمطر، فأصاب القربة سهم واُريق ماؤها، وسهم أصاب صدره، وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته. *وسقط على الأرض ينادي: عليك منّي السّلام أبا عبد الله. فأتاه الحسين سلام الله عليه عن هذا الحال بقوله: الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي*. وتركه في مكانه، ورجع الحسين (عليه السلام) إلى المخيّم منكسراً حزيناً باكياً يكفكف دموعه بكُمّه، *وقد تدافعت الرجال على مخيّمه فنادى: أما من مغيث يغيثنا*؟ أما من مجير يجيرنا؟ أمامن طالب حقّ ينصرنا؟ أما من خائف من النّار فيذبّ عنّا؟ فأتته سكينة وسألته عن عمّها، فأخبرها بقتله. وسمعته زينب فصاحت: وآ أخاه وآ عبّاساه وآ ضيعتنا بعدك! وبكين النّسوة وبكى الحسين معهنّ وقال: وآ ضيعتنا بعدك(5).
يخوي العلم قلي وين اوديه
ينور العين دربي بيش اجديه
حنا فوقه وشمه وشبج ايديه
وصاح احسين اخويه الله وكبر
*واعباساه واسيداه*
الرئيسية 
