لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون صلى الله عليك يامولاي يا بن رسول الله صلى عليك ياسيدي ومولاي يا ابا عبدالله ياغريب يامظلوم كربلا
أطرافها حمر تزان بها كما ... قد زان بالكف الخضيبة معصم
ولصبر أيوب الذي ادرعوا به ... من نسج داود أشد وأحكم
نزلوا بحومة كربلا فتطلبت ... منهم عوائدها الطيور الحوم
وتباشر الوحش المثار أمامهم ... ان سوف يكثر شربه والمطعم
طمعت أمية حين قل عديدهم ... لطليقهم في الفتح أن يستسلموا
ادركني يبويه وجيب لي قطرة اميه...رفرف على راسي ترى طير المنيه
يحسين ياللي من تمسك بيك ما خاب...يا مقصد الوافد وضنوة داحي الباب
أريد قطرة ماي قلبي من العطش ذاب...وغارت عيوني و اظلم الوادي عليه
غارت عيوني ونزف دمي كثر الجراح...واتفطرت يابوي جبدي والعزم راح
خل الدرع عني بهضني ثقل لسلاح...حر الشمس ذوب افادي ياشفيّه
لو تنطفي بقطرة اميه نار قلبي...محد كفو من هالجمع يوقف بدربي
برد غليلي و عاين اطرادي و حربي...لحمل على الجيمان حمله هاشميه
واعلياه واسيداه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم.
هذه الآية تبين أجر رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله وهي مودة أهل البيت عليهم السلام
إذا تأملنا في حياة الأنبياء عليهم السلام وسيرتهم مع أقوامهم نجدهم يعرضون أثمن ما عندهم وهو الهداية إلى الله بدون طلب الأجر والمقابل لأن أجرهم كان على الله تبارك وتعالى
لذا تلاحظ فكل واحد منهم كان إذا سئل يقول يا قومي لا أسألكم على ما أقوم به من أجرٍ إن أجري إلَّا على الله
(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهيد)
لكن رسول الله صلى الله عليه وآله تميز عن جميع الأنبياء والرسل بطلبه الأجر على الرسالة والدعوة الكبرى التي ضحى في سبيلها وحصر هذا الأجر في أمر واحد هو المودة والمحبة لأهل بيته عليهم السلام أجمعين (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)
وتبين لنا الاية أن النبي صلى الله عليه وآله لا يريد أجرا ولا جزاء على ابلاغ الرسالة إلا مودة أهل بيته عليهم السلام ومودتهم ترتبط بقضية الولاية لهم عليهم السلام
ولذلك آية المودة هي أحد الأدلة القرآنية على استمرار الرسالة الإلهية بولاية الأئمة الأطهار عليهم السلام
وأنت تقرأ في دعاء الندبة ثم جعلت أجر محمد صلواتك عليه وآله مودتهم في كتابك فقلت (قُلْ لا اَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ اَجْراً اِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبى) وقلت (ما سَألْتُكُمْ مِنْ اَجْر فَهُوَلَكُمْ) وقلت(ما اَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ اَجْر الاّ مَنْ شاءَ اَنْ يَتَّخِذَ اِلى رَبِّهِ سَبيلاً) فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلى رضوانك
لأن الله عز وجل في محكم كتابه يقول ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)
والرسول الله صلى الله عليه وآله يقول (أنا مدينة العلم وعلي بابها)
ولذلك الدخول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحصل بدون الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام لاشك ولا تناقض في ذلك أبدا لأن حب أهل البيت عليهم السلام يطل على العقيدة فيصححها وعلى أعمال العباد والنبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي (يا علي لولاك أنت لم يعرف المؤمنون من بعدي)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (إِلزموا مودّتنا أهل البيت فإنه من لقي الله يوم القيامة وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفة حقنا)
أنا أحب أهل بيت النبوة لأن حبهم إستكمال لديني وأتمسك بهم لأنهم العروة الوثقى ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول مخاطبا أمير المؤمنين عليه السلام (ياعلي من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى
وأودع النبي صلى الله عليه وآله وأوصى الأمة مع القرآن (إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)
لكن ماذا فعل هؤلاء بعد فراقك يارسول
في الطريق إلى كربلاء خفق الحسين عليه السلام برأسه، ثم أنتبه وهو يحمد ويسترجع أي يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين عليهما السلام على فرس فقال:مم حمدت الله واسترجعت؟ فقال: يا بني، إني خفقت خفقة فعن لي فارس على فرس وهو يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا فقال له: يا أبت لا أراك الله سوءا ألسنا على الحق؟ قال: بلى، والذي إليه مرجع العباد قال: فإننا إذا لا نبالي وقعنا على الموت أم وقع الموت علينا، فقال له الحسين عليه السلام: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده
آجركم الله ولما لم يبق مع الحسين إلا أهل بيته عزموا على ملاقاة الحتوف ببأس شديد وحفاظ مر ونفوس أبية، وأقبل بعضهم يودع بعضا، *وأول من تقدم أبو الحسن علي الأكبر*(1) ولما يمم الحرب عز فراقه فاستأذن أباه وبرز على فرس الحسين تسمى لاحقا. ولم يتمالك الحسين (عليه السلام) دون أن أرخى عينيه بالدموع وصاح بعمر بن سعد: ما لك قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلط عليك من يذبحك على فراشك،
ثم رفع شيبته المقدسة نحو السماء وقال: *اللهم اشهد على هؤلاء فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمد خلقا وخلقا ومنطقا وكنا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيك نظرنا إليه*، اللهم فامنعهم بركات الأرض وفرقهم تفريقا ومزقهم تمزيقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا،
ثم تلا قوله تعالى: *(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)*(3). ثم شد على الناس وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابن الدعي * أضرب بالسيف أحامي عن أبي
ضرب غلام هاشمي قرشي(4)
وقد اشتد به العطش فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش فبكى الحسين عليه السلام وقال: واغوثاه ما أسرع الملتقى بجدك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها. ورجع علي إلى الميدان مبتهجا بالبشارة الصادرة من الإمام الحسين عليه السلام بملاقاة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، *فزحف فيهم زحفة العلوي السابق وغير في وجوه القوم ولم يشعروا أهو الأكبر يطرد الجماهير من أعدائه، أم أن الوصي عليه السلام يزأر في الميدان، أم أن الصواعق تترى في بريق سيفه، فأكثر القتلى في أهل الكوفة*.
شل اطرادها ابن احسين الأكبر
او خلى الخيل بالهامات تعثر
امصيت هلهلت له الخيل لو لاح
عليها او صفقت له اطراف الأرماح
او رقصت له السيوف ابروس الأقراحا
وفوق الطوس دقت ضرب الاكثر
من هاشم امنتب موش ملفوف
ابوه احسين بالميدان موصوف
اوجده حيدر الكرار معروف
او عمه الحسن والعباس الازهر
اهتز ابغيرة الله وافرع الراس
تبارك بالوجه والدرع والطاسا
فقال مرة بن منقذ العبدي: علي آثام العرب إن لم أثكل أباه به فطعنه بالرمح في ظهره وضربه بالسيف على رأسه ففلق هامته واعتنق فرسه فاحتمله إلى معسكر الأعداء وأحاطوا به حتى قطعوه بسيوفهم إربا إربا. ونادى رافعا صوته: عليك مني السلام أبا عبد الله، هذا جدي قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها، وهو يقول: إن لك كأسا مذخورة،
فأتاه الحسين (عليه السلام) وانكب عليه واضعا خده على خده وهو يقول: *على الدنيا بعدك العفا* ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول، يعز على جدك وأبيك أن تدعوهم فلا يجيبونك وتستغيث بهم فلا يغيثونك(5).
وخرجت زينب أخت الحسين مسرعة تنادي: يا أخياه وابن أخياه، وجاءت حتى أكبت عليه، فأخذ الحسين برأسها فردها إلى الفسطاط، وأمر فتيانه فقال: احملوا أخاكم فحملوه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه(6).
قعد عنده او شافه امغمض العين
ابدمه سابح امترب الخدين
متواصل طبر و الراس نصين
حنا ظهره على ابنيه و تحسر
*واعلياه واحسيناه واحسيناه*