*المجلس الرابع لإستشهاد الإمام علي الهادي عليه السلام
*
*مجلس شهادة الامام الهادي عليه السلام*
*القصيدة: للشيخ حسن فرج العوامي*
ت: 1364هـ
يـا تـقيَّ العباد يا ابن الجواد
رزؤُك الـيوم قد أذاب فؤادي
ودعـت مقلتي تصبُّ دموعا
بـالـتهابٍ وزفـرةٍ واتـقاد
إن هـماً أذاب قـلبي وجـدا
لـيس يُـقضى وماله من نفاد
كيف يقضي وفادحات الليالي
مـالهنَّ انـتها بل في ازديار
حسبُك الله يا صروف الليالي
قد تركتي جفني حليف السهاد
وتـركتني قلبي يشب ضراما
لـلذي نـاله عـليُّ الـهادي
أخرجوه من أرض طيبة كُرها
أحـرموه الـجوار لـلأجداد
بـعد ذا أنزلوه خان الصعاليك
ونـالـوه بـالأذى والـعناد
صيَّروه في السجن كرها يري
دون إطـفاء نـوره الـوقاد
جـرَّعوه سـما فـلهفي عليه
أفـتـديه بـالأهـل والأولاد
فـقضى نـحبه عليٌّ فأضحى
بـعده الـدين فـاقدا لـلعماد
وله الكون كاسفُ اللون حزنا
ولـه الـمجد لابـسٌ للسواد
ولـه الـعسكريُّ أصبح يدعو
آه وا والـدي وا سـنادي(5)
( *أبوذية* )
صحت ابصوت يا بالحسن ماته
هـله عـدهم خبر مسموم ماته
ابو العسكري انشيعه انريد ماته
او لا يبگه طريح اعله الوطيه
( *أبوذية* )
عـلى الـهادي عزه هليوم يارن
او عليه امن البواچي اگلوب يارن
الـشيعة اعـيونها عالنعش يارن
وتـشيل اجـنازته لـبن الزكيه
( *أبوذية* )
صـاح الناعي والشيعه علمها
او نشرت للحزن أسود علمها
علي الهادي گضه معدن علمها
او تيتم شرع دين الله او نبيه
*رواية ثانية حول شهادة الإمام علي الهادي (ع)*
نقل الدرازي في كتابه وفاة الإمام علي الهادي (ع)، عن أحمد بن داود بن محمد بن عبد الله الطلحي القمي قال: حملنا مالا من خمس ونذر من عين وورق ودنانير وحلي وجواهر وثياب من (قم) وما يليها فخرجنا نريد أبا الحسن (ع) فلما صرنا إلى دسكرة الحكم تلقانا رجل راكب على جمل ونحن في قافلة عظيمة فقصدنا ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بجمله فقال: يا أحمد بن داود ويا محمد بن إسحاق معي رسالة إليكما فقلنا ممن؟ فقال: من سيدكما أبي الحسن الهادي (ع)، يقول لكما إني راحل إلى الله تعالى في هذه الليلة فأقيما مكانكما حتى يأتيكما أمر من أبي محمد الحسن (ع) فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وأخفينا ذلك ولم نظهره ونزلنا دسكرة الملك واستأجرنا منزلا وأحرزنا ما كان معنا فيه وأصبحنا والخبر شائع بوفاة إمامنا (ع) فلما تعالى النهار رأينا قوما من شيعة علي أشد قلقا مما نحن فيه فلما جن الليل جلسنا بلا ضوء ولا سراج حزنا على الهادي (ع) نبكي ونشكو إلى الله فقده.
شفَّ قلبي الأسى وذاب فؤادي
ودموعي جرت كسحب الغوادي
لـمصاب الإمـام كنز العطايا
مـعدن الـجور كـعبة الوفاد
مظهر المعجزات شمس المعالي
مـفزع الـخلق عـلّة الإيجاد
ركـن ديـن الإله بدر الدياجي
بـضعة المصطفى نجاة العباد
سـيد الـكائنات غوث البرايا
شبل حامي الحمى عليِّ الهادي
قال القمي: وإذا نحن بيد داخلة علينا من الباب فأضائت بنا كما يضيء المصباح وقائل يقول: يا أحمد يا محمد هذا التوقيع فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسن المستكين لرب العالمين إلى شيعته المساكين أما بعد فالحمد لله على ما نزل بنا منه ونشكره إليكم على جميل الصبر إليه وهو حسبنا في أنفسنا وفيكم ونعم الوكيل(1)
قال الراوي: ولما انتقل الإمام علي الهادي (ع) إلى روح الله ورضوانه وقد سمه (المعتمد) في رمان وقيل في ماء فلما فاضت روحه المقدسة علا الصياح في داره وقامت الواعية في الهاشميين يلطمون الخدود ويخدشون الوجوه وينادون وا ضيعتاه، وا وحدتاه، من لليتامى والمساكين، من للفقراء والمنقطعين(2)
مات في سُرَّ من رأى مستظاما
نـازح الدار لم يجد من مفادي
فـبكته السماءُ والأرضُ حزنا
ولـه ذاب قـلب صمِّ الجماد
وأقـامت لـه الـملائك طرا
مـأتم الـحزن فوق سبعٍ شداد
والـنبيون فـي الـجنان عليه
لـبسوا لـلعزا ثـياب حـداد
وعـليه الـبتولُ ناحت بدمع
يجري كالسيل من صميم الفؤاد
مـات خيرُ الأنام أزكى البرايا
خـيرُ داع إلـى الإله وهادي
لكن أيها المحب كما علمت لقد قام الأعيان والوزراء وجمع من بني العباس بالإضافة إلى جمع من بني هاشم وسائر الشيعة من سامراء يتقدمهم الإمام العسكري (ع) هؤلاء جميعا قاموا بتجهيز الإمام الهادي على أكمل وجه حتى دفنوه في داره.
وكما ذكرت الروايات أن الإمام الهادي صُلِّي عليه مرتين مرة من قبل الإمام العسكري (ع) وأخرى من قبل الواثق والي العهد العباسي والحسين (ع) صلي عليه مرتين مرة من قبل الإمام السجاد ومرة من قبل السيوف والنبال والرماح كما يقول الشاعر:
صلت على جسم الحسين سيوفهم
فـغدا لـساجدة الـضبا محرابا
( *مجردات* )(3)
صـلت عليه اسيوف اميه
او داست الخيل ابن الزچيه
والأشـد واعظم كل رزيه
سكنه تصيح الحگ عليه
بـويه
وظلّ الإمام يعاني صروف الأذى من المتوكّل، وما بعده من بني العبّاس، وفيما يروى، أنّ المتوكّل أرسل جماعة من الأتراك، وغيرهم من قساة القلب، فهاجموا دار الإمام عليه السلام في جوف اللّيل، فوجدوه في بيته وحده، مغلق عليه, وعليه مدرعة من شعر, ولا بساط في البيت إلّا الرّمل والحصى, وعلى رأسه ملحفة من الصّوف, وهو يترنّم بآيات القرآن في الوعد والوعيد, فأخذوه إلى المتوكّل على الحالة، الّتي وجدوه عليها, فمثل بين يديه، والمتوكّل على مائدة الخمر، وفي يده كأس, فلمّا رآه أعظمه، وأجلسه إلى جنبه. وقال الّذي أتى به: يا أمير المؤمنين، لم يكن في منزله شيء ممّا قيل فيه, ولا حالة يتعلّل عليه بها, فناوله الكأس الّذي في يده, فقال الإمام عليه السلام:
والله، ما خامر لحمي ودمي. ثمّ قال له المتوكّل: أنشدني شعراً أستحسنه, فاعتذر الإمام عليه السلام وقال: (إنّي لقليل الرّواية للشّعر)، فألحّ عليه، ولم يقبل له عذراً، فأنشده:
باَتُوا عَلَى قُلَلِ الأَجْبالِ تَحْرُسُهُمْ
غُلْبُ الرِّجالِ فَمَا أَغْنَتْهُمُ القُلَلُ
واسَتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍّ عَنْ مَعاقِلِهِمْ
فَأُودِعُوا حُفَراً، يا بِئْسَ ما نَزَلُوا
نَاداهُمُ صارِخٌ مِنْ بَعْدِ ما قُبِرُوا
أَيْنَ الأَسِرَّةُ والتِّيجانُ والحُلَلُ؟
أَيْنَ الوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُنَعَّمَةً
مِنْ دُونِها تُضْرَبُ الأَسْتارُ والكِلَلُ؟
فَأَفْصَحَ القَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءلَهُمْ
تِلْكَ الوُجُوهُ عَلَيْها الدُّودُ يَقْتَتِلُ
قَدْ طَالَما أَكَلُوا دَهْراً وَقَدْ شَرِبُوا
فَأَصْبَحُوا بَعْدَ طُول الأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا
وطَالَما عَمَّرُوا دُوراً لِتَحْضُنَهُمْ
فَفارَقُوا الدُّورَ والأَهْلِينَ وانْتَقَلُوا
وطَالَما كَنَزُوا الأَمْوالَ وادَّخَرُو
فَخَلَّفُوها عَلَى الأَعْداءِ وارْتَحَلُوا
أَضْحَتْ مَنازِلُهُمْ قَفْراً مُعَطَّلةً
وسَاكِنُوها إِلَى الأَجْداثِ قَدْ وَصَلُوا
فأشفق من حضر على أبي الحسن الهادي عليه السلام، وبكى المتوكّل بكاءً شديداً، حتّى بلّت دموعه لحيته, وبكى من حضر.
ثمّ أمر برفع الشّراب.
وهكذا كان المتوكّل يستدعيه بين الحين والآخر، بقصد الإساءة إليه، ولكنّ الله سبحانه يصرفه عنه.
وكان المتوكّل يقول: والله لأقتلنّ هذا المرائي.. الّذي يدّعي الكذب، ويطعن في دولتي.. والله، لأحرِقنّه بعد قتله، ولكن كان الله تعالى يصرفه عن قتله عليه السلام.
روى ابن بابويه وآخرون، عن الصّقر بن أبي دلف، أنّه قال:لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبا الحسن عليه السلام إلى سرّ من رأى، جئت أسأل عن خبره، وكان عليه السلام محبوساً عند الزّرّاقيّ، حاجب المتوكّل، فنظر إليّ الزّرّاقيّ، فقال: يا صقر، ما شأنك؟ وفيم جئت؟ قلت: لخير، فقال: لعلّك تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين، فقال: اسكت، مولاك هو الحقّ، فلا تحتشمني، فإنّي على مذهبك، فقلت: الحمد لله.
المصيبة:
قال: أتحبّ أن تراه؟ قلت: نعم، قال: اجلس حتّى يخرج صاحب البريد، فجلست، فلمّا خرج، قال لغلام له: خذ بيدك الصّقر، وأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلويّ المحبوس، وخلّ بينه وبينه؛ فأدخلني إلى الحجرة، فإذا هو جالس على صدر حصير، وبحذاه قبر محفور، فسلّمت عليه، فردّ عليّ، ثمّ أمرني بالجلوس، ثمّ قال لي: يا صقر، ما أتى بك؟ قلت: سيّدي، جئت أتعرّف خبرك، ثمّ نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إليّ، فقال: يا صقر، لا عليك، لن يصلوا إلينا بسوء الآن، فقلت: الحمد لله.
ولكن، وبعد وفاة المتوكّل الّذي جرّع الإمام الغصص طيلة أربعة عشر عاماً، عاش الإمام مع حكّام ظالمين، من حكّام بني العبّاس، أجبروه على البقاء في سامرّاء, عاش سبعة أعوام مع المنتصر، والمستعين، والمعتزّ في سامراء
بقي عليه السلام ملازماً بيته، كاظماً غيظه، صابراً على ما مسّه من الأذى، من حكّام زمانه، حتّى قضى نحبه، ولقى ربّه، مظلوماً، شهيداً، متأثّراً بسمّ دسّه إليه المعتزّ العبّاسيّ.
ثمّ قام الإمام العسكريّ عليه السلام بتجهيز أبيه وتغسيله، ومن حوله أهل بيته؛ صرخة واحدة: أي وا إماماه، وعليّاه
شبله يغسّله او تتصارخ اعــياله
اوشـاله اونزّله اوفوگه التّرب هاله
بس احسين محّد غسّله أو شاله
ثــلث تــيّــام ظــل مطروح بالوادي
ما إِنْ بَقِيتَ مِنَ الهَوانِ عَلَى الثَّرَى
مُــلْقىً ثَــلاثـــاً في رُبــىً وَوِهــادِ
إِلَّا لِكَيْ تَقْضِي عَلَيْكَ صَلاَتَها
زُمَــرُ المَــلائــِكِ فَــوْقَ سَبْعِ شِدادِ
نعم، اجتمع النّاس في دار الإمام الهادي عليهما السلام، وبينما هم كذلك، وإذ قد فتح باب الرّواق، وقد خرج منه إمامنا العسكريّ عليه السلام، لكن بأيّ حال؟ فقد خرج حاسراً, مكشوف الرّأس, مشقوق الثّياب, كأن وجهه وجه أبيه، لا يخطئ منه شيئاً, كأنّي به ينادي: وا أبتاه.
أقول: إذاً لا تلام سيّدتنا زينب عليهما السلام، لمّا نظرت إلى رأس أخيها الحسين عليه السلام في طشت، بين يدي يزيد بن معاوية، وبيده السّوط، وهو يضرب به ثنايا أبي عبد الله؟ لا تلام حينما نادت بصوت حزين يقرّح القلوب: يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يا ابن مكّة ومنى, يا ابن فاطمة الزّهراء، سيّدة النّساء, يا ابن بنت المصطفى.
يحسين راسك حــين شفـــتــه
تـلعب عصـه ايزيد اعله شفته
ذاك الوگـت وجهــي لطــمته
يا ســـلوة الـــهادي او مـــهـجته
(أبوذية)
هظمنه ما جره اعله احد وشافه
اوبـــره بينه العدو جرحـــه وشـــافه
على رأس السّبــــط تلعـــب وشـــافه
عصه ايزيد أو يسب راعي الحميّه
وهذا المشهد ما بارح خيال زينب عليها السلام, لذا لمّا رجعت يوم أربعين الحسين عليها السلام، وصلّت بحذاء قبره الشّريف، ألقت إليه بالشّكوى..
تگله خويه لفينه من اليسر للغاضريّه
يخويه ضيوف عندك هالمسيّه
يبو الســـّجاد جــيناك بشـكيّه
لـــبــــونا يـــزيـد بــالــدّيـــوان شتّم
ما هي شكواكِ يا زينب؟
أخي حسين, قام يزيد على قدميه، وصار يشتم أبي عليّ!!
أمّا الشّكوى الأخرى:
خويه بس هاي ما كانت على البال
أنا أمشي بيسر وبزنودي الحبال
وراسك بالطّشت وتشوفه العيـال
بـــيــده الــعــود ويــوسّم المبسم
والأشدّ على قلب زينب عليها السلام، أنّها جاءت إلى أخيها بالرّأس..
تگله خويه:
أنا جيتك وجبت الرّاس وياي
من السّبي الكانت بيه بلواي
دنهض يخوي ونشّف دمع عيناي
عُرْيانَ يَكْسُوهُ الصَّعِيدُ مَلابِساً
أَفْدِيهِ مَسْلُوبَ اللِّباسِ مُسَرْبَلاَ
مُتَوَسِّداً حَــرَّ الصُّخُــورِ مُـعَفّـَراً
بِدِمَائِهِ تَرِبَ الجَبِينِ مُرَمَّلا
ولِثَغْرِهِ تَعْلُــو الســِّياطُ وطَــالَما
شَغَفاً لَهُ كانَ النَّبِيُّ مُقَبِّلا
ونسألكم الدعاء والزيارة